بسم الله الرحمن الرحيم
قرأت سلسله روايات آمنه الصدر (بنت الهدى) الشهيدة وحبيت انقلها لكم ..
وأرجو منكم التثبيت
...
روايه لقاء في المستشفى
تقلبت الدكتورة معاد على فراشها وهي تستمع بين اليقظة والمنام إلى رنين جرس الهاتف وكأن جسمها كان يعاني صراعاً بين سلطان النوم ونداء الواجب فاستمر الجرس يرن ويرن بأسلوبه الرتيب ، وبقيت هي تعاني صراعاً بين عالمي اليقظة والمنام ، حتى انتبهت مشاعرها وأحست بمسؤولية اليقظة فاندفعت نحو الهاتف وهي تلاحظ الساعة فتجدها تناهز الواحدة بعد منتصف الليل .
إذن فلا شك أنها حالة مرضية مستعجلة وهكذا كان ، فقد كانوا يستدعونها من الطابق السابع لوجود حالة خطيرة وما كان منها إلا أن أسرعت بلبس قناعها وأبرادها وخرجت مسرعة إلى حيث تجد المريض.
وأمام غرفة العلاج وجدت ممرضة أخبرتها أن المريض امرأة عجوز تشكو من آلام شديدة في صدرها فأسرعت الدكتورة في الدخول حيث استقبلتها فتاة شابة جميلة الوجه ، رشيقة القوام ، قد ارتدت الحجاب الكامل وكأن الدكتورة قد ارتاحت لمنظرها فشدت على يدها مسلمة بحرارة وهي تقول :
ـ خير إن شاء الله .
قالت الفتاة : إنها جدتي يا دكتورة ، وقد انتابتها آلام قاسية منذ ساعات تعرضت خلالها لاغماء طال بضع دقائق .
قالت هذا وسارت مع الدكتورة حيث كانت الجدة ترقد شاحبة الوجه على طاولة الفحص وهي تئن من الألم .
فسارعت الدكتورة باجراء الفحوص اللازمة واستدعت معها من يعينها على ذلك وكانت تعمل بجد واندفاع وكأنها الطبيبة والقريبة في وقت واحد ، وكانت الفتاة تتجول خارج الغرفة تقطع الردهة بخطواتها القلقة جيئة وذهاباً ، حتى اكتملت الفحوص وثبت أنها مصابة بذبحة قلبية وأن عليها البقاء في المستشفى إلى فترة ، عند ذلك تم نقلها إلى غرفة خالية أعطيت بعض المهدئات ، الشيء الذي مكنها من النوم .
وكانت الدكتورة حتى ذلك الوقت مشغولة بتعهد أمر المريضة وتهيئة وسائل الاسعاف المطلوبة لها ، ولهذا فهي لم تتمكن أن تتحدث مع الفتاة بضع كلمات قصار تتعلق بحال المريضة ، ولكنها عندما اطمأنت على راحة المريضة ووثقت من أداء مهمتها بالشكل المطلوب التفتت نحو الفتاة التي كانت
تقف في قلق إلى جوار سرير جدتها وقد تندت أهدابها بالدموع ، فبدت عيناها من خلالها وكأنهما نجمتان تتلألأن من وراء الغيوم . فشعرت أن عليها أن تقول لهذه المسكينة كلمة تبعث في نفسها الأمل ، فحاولت أن تبتسم وهي تقول :
أرجو أن يكون العارض بسيطاً سيما وقد أجريت لها الاسعافات اللازمة منذ البداية .
قالت الفتاة : أنني جد شاكرة لك اهتمامك بأمرها يا دكتورة .
قالت الدكتورة : إن هذا واجب عليّ تجاه كل مريض ، وهنا لاحظت الدكتورة أن لون الفتاة يبدو شاحباً ، فأمسكت بيدها فوجدتها باردة كالثلج فقالت لها بحنو بالغ : أجدك مرهقة جداً فلماذا لا تنامي ولو لبعض الوقت ؟ قالت الفتاة : آه نعم أنني متعبة ولكن جدتي كيف أتركها وحيدة ؟
قالت الطبيبة : أليس لديها بنت سواك لتشاركك السهر ؟
فترددت الفتاة لحظة ثم قالت : كلا ليس لديها بنت سواي وليس لدي أم سواها ، قالت هذا وانحدرت من عينيها قطرات من الدموع زادتها جمالاً على جمال.
فتألمت الدكتورة لحالها وقالت لها وهي تشد على يدها بحنو : سوف أسهر أنا عليها بدلاً عنك.
قالت : كلا إن هذا لا يمكن أن يكون . ان عليك أن تنامي أنت فقد أجهدت نفسك بما فيه الكفاية .
فابتسمت الدكتورة وقالت : أنني اعتدت على هذه الاتعاب ولم أعد أحس بثقلها عليّ ، ثم أنني نمت ساعتين في بداية الليل ولهذا فأنت أحوج مني إلى الرقاد ، ولكن انتظريني حتى أذهب إلى غرفتي وأعود .
قالت هذا وخرجت من الغرفة دون أن تنتظر جواباً من الفتاة ، فأحست الفتاة بعد خروجها أنها كانت أمام انسانة رائعة من حقها أن تعتمد عليها وتركن اليها .
وسرعان ما عادت الدكتورة وهي تحمل بيدها كتاباً ثم قالت للفتاة : حاولي أن تنامي يا عزيزتي وسوف أقضي وقتي مع هذا الكتاب وأرجو أن تطمئني على جدتك لأنني سوف أهتم بأمرها جداً يا...
وسكتت الدكتورة لأنها لم تكن تعرف اسم الفتاة .
فأسرعت الفتاة تقول ورقاء ، إن اسمي ورقاء يا دكتورة.
قالت الدكتورة : وان اسمي معاد يا ورقاء . والآن هيا إلى السرير الثاني فأنت مرهقة جداً ، ولم يسع ورقاء إلا أن تمتثل لأنها كانت تشعر باعياء شديد وسرعان ما استسلمت للنوم .
أفاقت ورقاء من نومها فوجدت أنها نامت أكثر من ساعة
وأن معاداً ما زالت جالسة عند رأس جدتها تقرأ ، والجدة ما زالت مستسلمة لنوم مريح نتيجة تأثير الاوكسيجين عليها ، فقامت عن السرير وتوجهت نحو معاد تحييها بلهفة وتسأل عن جدتها فطمأنتها معاد ثم ألقت الكتاب من يدها ونهضت وهي تقول :
سوف أذهب الآن لكي أستعد لصلاة الفجر ثم أحاول أن أنام بعد ذلك ساعة قبل بداية الدوام وسوف أمر عليك غداً ان شاء الله .
فشكرتها ورقاء وشدت على يدها وهي تقول : لست أدري كيف أشكرك يا دكتورة معاد فقد كنت بالنسبة لي يداً رحيمة ساعدتني على تحمل الصدمة وأنا وحيدة.
قالت معاد : أنك لست وحيدة يا ورقاء ما دام الله معك ، فأنا الاحظ من حجابك أنك فتاة مؤمنة والايمان كفيل بأن يشدك ويسندك خلال جميع أدوار الحياة .
فأعادت ورقاء كلمات الشكر من جديد وودعت الدكتورة حتى باب الغرفة ، ثم عادت لكي تجلس إلى جوار جدتها وحيث كانت تجلس معاد من قبل فلاحظت أن معاد قد نسيت الكتاب الذي كانت تقرأ فيه واسترعى انتباهها اسمه الذي بدا وكأنه غريب عليها أو مستغرب لديها . فقد كان اسم الكتاب هو : ( الطب محراب للإيمان ) .
وتساءلت مع نفسها في تفكير ساذج قائلة : ما معنى هذا يا ترى ؟
وما هو ارتباط الطب مع الإيمان ؟
أو ليس الطب علماً لدواء الأجسام بينما الدين عبادة للنجاة من النار ؟
إذن فكيف يصبح الطب محراباً للايمان ؟
ودفعها فضولها إلى أن تقلب صفحات هذا الكتاب. وقد اهتمت بشكل أولي بتصميم الغلاف إذ وجدته يحمل صورة ممثلة لدماغ الانسان وقد كتبت تحتها هذه الآية المباركة : ( هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه ).
واستمرت تقلب صفحات الكتاب فتقرأ فيه سطوراً قصاراً تسلمها إلى تفكير طويل ، ولم تترك الكتاب إلا خلال أداء صلاة الفجر أو قضاء حوائج جدتها حيث كانت تعود الى الكتاب لتغرق بين صفحاته بالمطالعة والتفكير.
وأشرق الصبح ودخلت الممرضة المسؤولة لاعطاء دواء المريضة ثم خرجت ، وعندما ارتفع النهار جاء الدكتور المختص وفي صحبته دكتورة فأعاد الفحص وطمأنها بكلمات قصار وخرج ومن ورائه الدكتورة مشكلة بمشيتها التي تتراقص فيها أردافها وأكنافها وخصلات شعرها مع رنين كعب حذائها مشكلة في كل ذلك جوقة موسيقية راقصة.
واستدارت قبل أن تخرج لتؤكد على ورقاء أن لا تدع المريضة تتعرض لأية حركة . وكأن هذه الكلمات القصار مكنت ورقاء من دراسة وجهها عن قرب فوجدته مثل لوحة بالغ النقاش في صبغها وتلوينها ، وسرعان ما خطر لها الفارق بين هذا الوجه الناطق بالتكلف ووجه الدكتورة معاد الناطق بالصفاء والنقاء.
وهنا أحست أنها تنتظر قدوم معاد بلهفة ، فهي تحس بالحاجة إلى أن تسمع منها بعض كلمات التشجيع ثم أنها تريد أن تسألها عن بعض ما جاء في هذا الكتاب فألقت نظرة على ساعتها وحدثت نفسها قائلة :
لماذا تأخرت يا ترى ؟
وعادت تجلس إلى جوار الجدة التي كانت منتبهة ومرتاحة ، فجلست أمامها وهي سعيدة لتحسنها وقالت : لكم أنا سعيدة بتحسنك يا جدتي ليتك تعلمين كم عانيت القلق من أجلك البارحة .
قالت الجدة في كآبة نعم لقد كنت أحس ذلك منك سيما وأنك كنت وحيدة يا عزيزتي.
قالت ورقاء : ولكنني لم أشعر بالوحدة لوجود الدكتورة معاد . فقد كانت لطيفة ورقيقة إلى أبعد حد . تصوري أنها أصرت عليّ أن أنام وجلست هي إلى جوارك لمدة ساعة أو أكثر.
فابتسمت الجدة وقالت : الحمد لله الذي أرسلها لك في ساعة المحنة يا عزيزتي.
وهنا طلبت ورقاء من جدتها أن تخلد للنوم لكي لا تجهد نفسها في الحديث . وعادت لتأخذ الكتاب تقرأ فيه من جديد ، وكانت تنظر إلى الساعة بين حين وحين وهي تنتظر قدوم معاد . حتى حان وقت الظهر فأدت فريضة الصلاة وهي تشعر أنها تفتقد شيئاً . واستغربت هذا الشعور من نفسها وحدثت نفسها قائلة :
ما الذي يدعوني الى هذه اللهفة وما رأيتها إلا ساعات قلائل ؟
وهل هي سوى دكتورة أدت واجبها تجاه مريضة لا أكثر ولا أقل ولعلها سوف لن تعود إلينا ثانية .
وهنا أحست أن نداء من ضميرها كان يلح عليها بعنف قائلا : إن من حقك هذا التلهف والانتظار . لأنها انسانة وجدت لديها الكثير من العطف والحنان ، أنها لم تؤد واجب الطبيبة فقط ولكنها أدت واجب الانسانة الكاملة ولولاها لكنت الآن منهارة وأنت في وحدتك المرة مع جدة مريضة.
وأفاقت ورقاء من أفكارها هذه على طرقات خفيفة على الباب ، فنهضت تستقبل القادم وإذا بالدكتورة معاد تدخل وقد أشرق وجهها بابتسامة رصينة .
فتقدمت ورقاء نحوها لتصافحها بحرارة لم تكن أقل مما أبدته معاد من حرارة ولهفة ثم قالت :
لقد عرفت من الدكتورة عبير تحسن حال الجدة ، وقد كنت مشغولة منذ الصباح إذ أنني مسؤولة عن ردهة التوليد اليوم ولهذا أرجو أن لا تكوني عاتبة عليّ لتأخري عنك .
فارتبكت ورقاء وقالت : ولكن كيف لي أن أعتب عليك يا دكتورة ، ولكنني كنت في حاجة إلى حضورك ولهذا كنت أنتظر .
فاكتسى وجه معاد بطابع الاهتمام إذ حسبت أن المريضة في حاجة إليها فمشت نحو الجدة وهي تقول :
كنت في حاجة اليّ ؟
ماذا ؟
هل تشكو جدتك من شيء ؟
يتبع........
قرأت سلسله روايات آمنه الصدر (بنت الهدى) الشهيدة وحبيت انقلها لكم ..
وأرجو منكم التثبيت
...
روايه لقاء في المستشفى
تقلبت الدكتورة معاد على فراشها وهي تستمع بين اليقظة والمنام إلى رنين جرس الهاتف وكأن جسمها كان يعاني صراعاً بين سلطان النوم ونداء الواجب فاستمر الجرس يرن ويرن بأسلوبه الرتيب ، وبقيت هي تعاني صراعاً بين عالمي اليقظة والمنام ، حتى انتبهت مشاعرها وأحست بمسؤولية اليقظة فاندفعت نحو الهاتف وهي تلاحظ الساعة فتجدها تناهز الواحدة بعد منتصف الليل .
إذن فلا شك أنها حالة مرضية مستعجلة وهكذا كان ، فقد كانوا يستدعونها من الطابق السابع لوجود حالة خطيرة وما كان منها إلا أن أسرعت بلبس قناعها وأبرادها وخرجت مسرعة إلى حيث تجد المريض.
وأمام غرفة العلاج وجدت ممرضة أخبرتها أن المريض امرأة عجوز تشكو من آلام شديدة في صدرها فأسرعت الدكتورة في الدخول حيث استقبلتها فتاة شابة جميلة الوجه ، رشيقة القوام ، قد ارتدت الحجاب الكامل وكأن الدكتورة قد ارتاحت لمنظرها فشدت على يدها مسلمة بحرارة وهي تقول :
ـ خير إن شاء الله .
قالت الفتاة : إنها جدتي يا دكتورة ، وقد انتابتها آلام قاسية منذ ساعات تعرضت خلالها لاغماء طال بضع دقائق .
قالت هذا وسارت مع الدكتورة حيث كانت الجدة ترقد شاحبة الوجه على طاولة الفحص وهي تئن من الألم .
فسارعت الدكتورة باجراء الفحوص اللازمة واستدعت معها من يعينها على ذلك وكانت تعمل بجد واندفاع وكأنها الطبيبة والقريبة في وقت واحد ، وكانت الفتاة تتجول خارج الغرفة تقطع الردهة بخطواتها القلقة جيئة وذهاباً ، حتى اكتملت الفحوص وثبت أنها مصابة بذبحة قلبية وأن عليها البقاء في المستشفى إلى فترة ، عند ذلك تم نقلها إلى غرفة خالية أعطيت بعض المهدئات ، الشيء الذي مكنها من النوم .
وكانت الدكتورة حتى ذلك الوقت مشغولة بتعهد أمر المريضة وتهيئة وسائل الاسعاف المطلوبة لها ، ولهذا فهي لم تتمكن أن تتحدث مع الفتاة بضع كلمات قصار تتعلق بحال المريضة ، ولكنها عندما اطمأنت على راحة المريضة ووثقت من أداء مهمتها بالشكل المطلوب التفتت نحو الفتاة التي كانت
تقف في قلق إلى جوار سرير جدتها وقد تندت أهدابها بالدموع ، فبدت عيناها من خلالها وكأنهما نجمتان تتلألأن من وراء الغيوم . فشعرت أن عليها أن تقول لهذه المسكينة كلمة تبعث في نفسها الأمل ، فحاولت أن تبتسم وهي تقول :
أرجو أن يكون العارض بسيطاً سيما وقد أجريت لها الاسعافات اللازمة منذ البداية .
قالت الفتاة : أنني جد شاكرة لك اهتمامك بأمرها يا دكتورة .
قالت الدكتورة : إن هذا واجب عليّ تجاه كل مريض ، وهنا لاحظت الدكتورة أن لون الفتاة يبدو شاحباً ، فأمسكت بيدها فوجدتها باردة كالثلج فقالت لها بحنو بالغ : أجدك مرهقة جداً فلماذا لا تنامي ولو لبعض الوقت ؟ قالت الفتاة : آه نعم أنني متعبة ولكن جدتي كيف أتركها وحيدة ؟
قالت الطبيبة : أليس لديها بنت سواك لتشاركك السهر ؟
فترددت الفتاة لحظة ثم قالت : كلا ليس لديها بنت سواي وليس لدي أم سواها ، قالت هذا وانحدرت من عينيها قطرات من الدموع زادتها جمالاً على جمال.
فتألمت الدكتورة لحالها وقالت لها وهي تشد على يدها بحنو : سوف أسهر أنا عليها بدلاً عنك.
قالت : كلا إن هذا لا يمكن أن يكون . ان عليك أن تنامي أنت فقد أجهدت نفسك بما فيه الكفاية .
فابتسمت الدكتورة وقالت : أنني اعتدت على هذه الاتعاب ولم أعد أحس بثقلها عليّ ، ثم أنني نمت ساعتين في بداية الليل ولهذا فأنت أحوج مني إلى الرقاد ، ولكن انتظريني حتى أذهب إلى غرفتي وأعود .
قالت هذا وخرجت من الغرفة دون أن تنتظر جواباً من الفتاة ، فأحست الفتاة بعد خروجها أنها كانت أمام انسانة رائعة من حقها أن تعتمد عليها وتركن اليها .
وسرعان ما عادت الدكتورة وهي تحمل بيدها كتاباً ثم قالت للفتاة : حاولي أن تنامي يا عزيزتي وسوف أقضي وقتي مع هذا الكتاب وأرجو أن تطمئني على جدتك لأنني سوف أهتم بأمرها جداً يا...
وسكتت الدكتورة لأنها لم تكن تعرف اسم الفتاة .
فأسرعت الفتاة تقول ورقاء ، إن اسمي ورقاء يا دكتورة.
قالت الدكتورة : وان اسمي معاد يا ورقاء . والآن هيا إلى السرير الثاني فأنت مرهقة جداً ، ولم يسع ورقاء إلا أن تمتثل لأنها كانت تشعر باعياء شديد وسرعان ما استسلمت للنوم .
أفاقت ورقاء من نومها فوجدت أنها نامت أكثر من ساعة
وأن معاداً ما زالت جالسة عند رأس جدتها تقرأ ، والجدة ما زالت مستسلمة لنوم مريح نتيجة تأثير الاوكسيجين عليها ، فقامت عن السرير وتوجهت نحو معاد تحييها بلهفة وتسأل عن جدتها فطمأنتها معاد ثم ألقت الكتاب من يدها ونهضت وهي تقول :
سوف أذهب الآن لكي أستعد لصلاة الفجر ثم أحاول أن أنام بعد ذلك ساعة قبل بداية الدوام وسوف أمر عليك غداً ان شاء الله .
فشكرتها ورقاء وشدت على يدها وهي تقول : لست أدري كيف أشكرك يا دكتورة معاد فقد كنت بالنسبة لي يداً رحيمة ساعدتني على تحمل الصدمة وأنا وحيدة.
قالت معاد : أنك لست وحيدة يا ورقاء ما دام الله معك ، فأنا الاحظ من حجابك أنك فتاة مؤمنة والايمان كفيل بأن يشدك ويسندك خلال جميع أدوار الحياة .
فأعادت ورقاء كلمات الشكر من جديد وودعت الدكتورة حتى باب الغرفة ، ثم عادت لكي تجلس إلى جوار جدتها وحيث كانت تجلس معاد من قبل فلاحظت أن معاد قد نسيت الكتاب الذي كانت تقرأ فيه واسترعى انتباهها اسمه الذي بدا وكأنه غريب عليها أو مستغرب لديها . فقد كان اسم الكتاب هو : ( الطب محراب للإيمان ) .
وتساءلت مع نفسها في تفكير ساذج قائلة : ما معنى هذا يا ترى ؟
وما هو ارتباط الطب مع الإيمان ؟
أو ليس الطب علماً لدواء الأجسام بينما الدين عبادة للنجاة من النار ؟
إذن فكيف يصبح الطب محراباً للايمان ؟
ودفعها فضولها إلى أن تقلب صفحات هذا الكتاب. وقد اهتمت بشكل أولي بتصميم الغلاف إذ وجدته يحمل صورة ممثلة لدماغ الانسان وقد كتبت تحتها هذه الآية المباركة : ( هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه ).
واستمرت تقلب صفحات الكتاب فتقرأ فيه سطوراً قصاراً تسلمها إلى تفكير طويل ، ولم تترك الكتاب إلا خلال أداء صلاة الفجر أو قضاء حوائج جدتها حيث كانت تعود الى الكتاب لتغرق بين صفحاته بالمطالعة والتفكير.
وأشرق الصبح ودخلت الممرضة المسؤولة لاعطاء دواء المريضة ثم خرجت ، وعندما ارتفع النهار جاء الدكتور المختص وفي صحبته دكتورة فأعاد الفحص وطمأنها بكلمات قصار وخرج ومن ورائه الدكتورة مشكلة بمشيتها التي تتراقص فيها أردافها وأكنافها وخصلات شعرها مع رنين كعب حذائها مشكلة في كل ذلك جوقة موسيقية راقصة.
واستدارت قبل أن تخرج لتؤكد على ورقاء أن لا تدع المريضة تتعرض لأية حركة . وكأن هذه الكلمات القصار مكنت ورقاء من دراسة وجهها عن قرب فوجدته مثل لوحة بالغ النقاش في صبغها وتلوينها ، وسرعان ما خطر لها الفارق بين هذا الوجه الناطق بالتكلف ووجه الدكتورة معاد الناطق بالصفاء والنقاء.
وهنا أحست أنها تنتظر قدوم معاد بلهفة ، فهي تحس بالحاجة إلى أن تسمع منها بعض كلمات التشجيع ثم أنها تريد أن تسألها عن بعض ما جاء في هذا الكتاب فألقت نظرة على ساعتها وحدثت نفسها قائلة :
لماذا تأخرت يا ترى ؟
وعادت تجلس إلى جوار الجدة التي كانت منتبهة ومرتاحة ، فجلست أمامها وهي سعيدة لتحسنها وقالت : لكم أنا سعيدة بتحسنك يا جدتي ليتك تعلمين كم عانيت القلق من أجلك البارحة .
قالت الجدة في كآبة نعم لقد كنت أحس ذلك منك سيما وأنك كنت وحيدة يا عزيزتي.
قالت ورقاء : ولكنني لم أشعر بالوحدة لوجود الدكتورة معاد . فقد كانت لطيفة ورقيقة إلى أبعد حد . تصوري أنها أصرت عليّ أن أنام وجلست هي إلى جوارك لمدة ساعة أو أكثر.
فابتسمت الجدة وقالت : الحمد لله الذي أرسلها لك في ساعة المحنة يا عزيزتي.
وهنا طلبت ورقاء من جدتها أن تخلد للنوم لكي لا تجهد نفسها في الحديث . وعادت لتأخذ الكتاب تقرأ فيه من جديد ، وكانت تنظر إلى الساعة بين حين وحين وهي تنتظر قدوم معاد . حتى حان وقت الظهر فأدت فريضة الصلاة وهي تشعر أنها تفتقد شيئاً . واستغربت هذا الشعور من نفسها وحدثت نفسها قائلة :
ما الذي يدعوني الى هذه اللهفة وما رأيتها إلا ساعات قلائل ؟
وهل هي سوى دكتورة أدت واجبها تجاه مريضة لا أكثر ولا أقل ولعلها سوف لن تعود إلينا ثانية .
وهنا أحست أن نداء من ضميرها كان يلح عليها بعنف قائلا : إن من حقك هذا التلهف والانتظار . لأنها انسانة وجدت لديها الكثير من العطف والحنان ، أنها لم تؤد واجب الطبيبة فقط ولكنها أدت واجب الانسانة الكاملة ولولاها لكنت الآن منهارة وأنت في وحدتك المرة مع جدة مريضة.
وأفاقت ورقاء من أفكارها هذه على طرقات خفيفة على الباب ، فنهضت تستقبل القادم وإذا بالدكتورة معاد تدخل وقد أشرق وجهها بابتسامة رصينة .
فتقدمت ورقاء نحوها لتصافحها بحرارة لم تكن أقل مما أبدته معاد من حرارة ولهفة ثم قالت :
لقد عرفت من الدكتورة عبير تحسن حال الجدة ، وقد كنت مشغولة منذ الصباح إذ أنني مسؤولة عن ردهة التوليد اليوم ولهذا أرجو أن لا تكوني عاتبة عليّ لتأخري عنك .
فارتبكت ورقاء وقالت : ولكن كيف لي أن أعتب عليك يا دكتورة ، ولكنني كنت في حاجة إلى حضورك ولهذا كنت أنتظر .
فاكتسى وجه معاد بطابع الاهتمام إذ حسبت أن المريضة في حاجة إليها فمشت نحو الجدة وهي تقول :
كنت في حاجة اليّ ؟
ماذا ؟
هل تشكو جدتك من شيء ؟
يتبع........
الثلاثاء سبتمبر 01, 2009 8:58 pm من طرف همسة حب
» هـل لديك الجرأة لتجيب؟؟؟ دعنى ارى!!!!
الثلاثاء سبتمبر 01, 2009 8:48 pm من طرف همسة حب
» اللقــــاء الاخـيـــــر
الثلاثاء سبتمبر 01, 2009 8:42 pm من طرف همسة حب
» دعاء ختام القران
الثلاثاء سبتمبر 01, 2009 8:36 pm من طرف همسة حب
» اهديهـا لمـن احـب
الثلاثاء سبتمبر 01, 2009 8:31 pm من طرف همسة حب
» كل عام وانتم بخير
الثلاثاء سبتمبر 01, 2009 7:34 pm من طرف همسة حب
» *جـــرح الـمـشــاعــر*
الثلاثاء سبتمبر 01, 2009 7:33 pm من طرف همسة حب
» ادخل واعرف الاعضاء بيقولوا عليك ايه ... الحق
الثلاثاء سبتمبر 01, 2009 7:31 pm من طرف همسة حب
» اصعــب وداع
الثلاثاء سبتمبر 01, 2009 7:29 pm من طرف همسة حب